-A +A
صالح عبدالعزيز الكريِّم
الأضحية، الهدي، الدم، العقيقة، الأولى (الأضحية) وهي اسم لكل ما يذبح من بهيمة الأنعام في يوم النحر وبقية أيام التشريق وقيل سميت بذلك لأنها تذبح في الضحى في أول النهار، وفيها إظهار وتجديد لمعنى التوحيد وهو أن لا يكون الذبح إلا لله وحده لا شريك له تحقيقا لقوله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحيايا ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، وفيها إحياء لسنة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام في افتداء ذبح ابنه اسماعيل، وهي ذات هدف عائلي بإدخال البهجة عليهم وتواصل القرابة بالإهداء من الأضحية وذات هدف اجتماعي بمنح الفقراء والمساكين غذاء معتبرا قد لا يحصلون عليه طوال العام، أما الثاني (الهدي) فهو نسك الحج المعروف الذي يهديه الحاج للبيت تقربا إلى الله سبحانه وتعالى وفقا للسنة النبوية، أما الثالثة (الدم) وهو ما يجبر به الحاج أو المعتمر حجه أو عمرته عند وقوع في محظور، أما الرابع (العقيقة) فهي ما يذبح للمولود يوم سابعه احتفاء بمولده وشكرا لواهبه وهي من سنن الهدي النبوي.
إن جميع ما يذبح قربانا لله يجب أن يكون خالصا لوجهه سبحانه وتعالى، ومن المقبول أن يذكر المضحي جودة ونوع أضحيته لكن من غير المقبول التباهي بسعرها لأنها لله وما كان لله فلا منة، والأضحية والهدي والدم والعقيقة وكل ما أباح الله سبحانه وتعالى أكله من الحيوان (ما عدا البحر فهو الطهور ماؤه والحل ميتته) تجب فيها التذكية الشرعية وذكر اسم الله على الذبيحة لأن في ذلك ما فيه من أمر الطاعة لله والراحة للذبيحة والصحة للإنسان، وقد تحدث الكثير عن الجانبين الأولين وأتحدث في هذه المقالة عن صحة الإنسان في تذكية الحيوان، إن أول ما يلفت النظر في التوجيه النبوي في ذبح الحيوان هو أنه يحرم على الذابح أن يزهق ويوتر الحيوان قبل ذبحه، فلا يجوز أن يحد السكين أمامه ولا يجوز أن يذبح أمامه حيوانا آخر ويجب ألا تكون شفرته غير حادة وقبل الذبح يمكن من شرب الماء وقبل البدء بالذبح يريحه ويذكر اسم الله لأن في ذكر اسم الله استسلاما فطريا للحيوان وعدم المقاومة، كل ذلك تهيئة للذبح الذي طلب منا أن يكون في أسرع وقت ممكن وخلال ثوان وبمهارة فائقة ولا يجوز لمن يتتعتع (ينتع) في الذبح أن يعذب الحيوان أو يتعلم فيه الذبح، والتذكية الشرعية هي قطع الحلقوم والمريء والودجين، وهي تعني بيولوجيا إخراج الدم وفصله عن الذبيحة تماماً لأن الدم ضار بصحة الإنسان ومن هنا ندرك حكمة تحريم الدم، الذبح بالطريقة الشرعية استنفار من قوة الطوارئ الدماغية والعصبية بإرسال إشارات عصبية سريعة إلى القلب تطلب الإنقاذ والاستغاثة من جميع أجهزة الحيوان بسرعة التبرع بالدم للدماغ w ليتدفق وقتها مباشرة الدم من كل صوب من الحيوان باستخدام عضلاتها لتضغط على ما في شرايينها لتقذف بجميع الدماء إلى القلب الذي بدوره يضخه وبكل قوة إلى المخ الذي لا يمكن أن يصل إليه طبعا؛ لأنها قطعت أوداجه فأدى ذلك إلى إراقة الدم فيخرج من الحيوان وتتم عملية التخلص منه بسرعة مذهلة؛ لأن في خروج الدم صحة للإنسان لأن الدم بيئة الميكروبات والأمراض والفيروسات بعكس الميتة كلها: المنخنقة، والموقوذة والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، احتبس الدم في داخلها وأصبحت مليئة بالميكروبات في جميع نواحي الجسم بسبب التركيب الدقيق للأوعية الدموية وانتشارها في جسم الحيوان ومن هنا كانت الحكمة العلمية لإراقة الدماء بالتذكية الشرعية حيث يندفع الدم كله ويخرج حاملا معه كل ما يضر صحة الإنسان.